الأنكى, هو المشهد القضائي- السياسي, المتعلق بمسار التحقيقات في انفجار 4 آب الماضي, والذي كان السبب في مجيء ماكرون الى بيروت, قبل حلول 1 ايلول للاحتفال بذكرى مرور مائة عام على ولادة او اعلان لبنان الكبير عام 1920.
وفي السياق, بات من غير الممكن معرفة مسار التحقيقات, بعد "الدعسة الناقصة", الانتقائية للمحقق العدلي, بحصر الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب, والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس (وخليل وزعيتر نائبان حاليان في كتلة التنمية والتحرير النيابية), والتوجه لدى هؤلاء عدم الحضور الى دائرته في قصر العدل, فضلاً عن أن الرئيس دياب, لن يلتقيه كمدعى عليه.
إذ, بعد انتقال الرئيس حسان دياب من السراي الكبير الى منزله في تلة الخياط, ابلغت السراي المحقق العدلي القاضي فادي صوان عدم جواز ان يستمع الى دياب كمدعى عليه.
وذكر مصدر قريب من السراي (موقع الانتشار) ان دياب ادلى بإفادته امام صوان قبل ثلاثة اشهر, وهو اول رئيس يتجاوب مع القضاء بهذا الشكل.
وحول الحديث عن "الاستهداف الامني" فهو يرتبط بتحذيرات امنية تبلغها المسؤولون".
في حين ان النائبين خليل وزعيتر, ينتظران الى اذن المجلس النيابي, ورفع الحصانة ولن يمثلا امام صوان, في حين ان فنيانوس, سيواصل مشاوراته, لحذو حذو الرئيس دياب والوزيرين النائبين.
والثابت ان إدعاءات قاضي التحقيق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ فادي صوان على الرئيس حسان دياب وآخرين, وردود الفعل عليها بين مؤيد ورافض المس بصلاحيات رئاسة الحكومة, اسهمت في تعقيد المشهد الداخلي كله لا المشهد الحكومي فقط, الذي ما زال بإنتظار ردود الرئيس المكلف سعد الحريري على الملاحظات التي قدمها له رئيس الجمهورية ميشال عون على توزيع بعض الحقائب المسيحية وعلى اسماء بعض الوزراء المسيحيين والمسلمين.
وذكرت مصادر رسمية ان ملاحظات عون تركزت على ما يمكن ان يقبله وما له عليه تحفظات او ملاحظات لجهة بعض الحقائب والاسماء المسيحية, إضافة الى استفسار عن اسماء بعض الوزراء المسلمين ومنهم الشيعة, بعدما تنامي الى عون ان حزب الله لم يقترح اي اسماء حسبما اعلن النائب حسين الحاج حسن, بينما قيل ان الرئيس نبيه بري قدم منذ فترة اكثرمن عشرة اسماء ليختار منها الحريري اثنين. كما لم يُعرف ما اذا كان هناك توافق درزي على اسم الوزير المقترح لحقيبتي الخارجية والزراعة.
واوضحت المصادر ان الرئيس عون يخشى عدم رضى الكتل النيابية عن الاسماء المقترحة فلا تعطي الثقة للحكومة او تضغط على الوزراء للاستقالة اذا لم يحظوا بغطاء سياسي, ما يمكن ان يضع البلاد مجدداً امام المجهول.
اما اوساط الرئيس الحريري فقد سرّبت انه قام بما عليه وفق الدستور وقدم تشكيلته الحكومية كاملة بالحقائب والاسماء, وينتظر رد رئيس الجمهورية عليها.
وعلى هذا, عاد الوضع الحكومي الى "البراد" لا الثلاجة, بإنتظار تطور ما قد يتمثل بزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون يوم 22 الجاري علّه يُسهم في إقناع المتشددين بتدوير الزوايا, في حين ذهب آخرون الى ترقب تسلم الرئيس الاميركي جو بايدن مهامه ومتى يتفرغ للوضع اللبناني؟وعلى امل ان تنقشع غيمة الادعاءات القضائية التي لبّدت السماء السياسية.
وأوضحت المصادر أن مطلع الأسبوع الحالي يشكل اختبارا لكيفية مقاربة موضوع الحكومة لجهة بقائه من دون أي خطوات ملموسة أو دخول مساع جديدة حتى وإن كانت الفرصة ضئيلة في هذا المجال.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن الملف الحكومي مجمد حاليا لكنه قد يعود ويتحرك عشية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت الأسبوع المقبل دون أن يعني حسم الملف. وقالت المصادر إن السقوف وضعت دون أن يعرف كيف يصار إلى الوصول إلى نقطة وسطية بين ملاحظات رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية للرئيس المكلف وبين ثوابت الرئيس الحريري في هذه التشكيلة, لافتة إلى أن ذلك يتطلب جلسات من التواصل مع العلم ان عاصفة الاستدعاءات لم تهدأ بعد.
غير أن هذه المصادر افادت ان هذه الاستدعاءات زادت الأمور تعقيدا وهناك انتظار لما قد يقدم عليه المحقق العدلي وربما هذا قد يؤخر انقشاع الملف الحكومي الذي في الأصل لم يكن في موقع متقدم.
بعبدا على الخط
ودخل رئيس الجمهورية على خط السجال الكلامي الدائر, فردّ عبر مكتبه الاعلامي على ما وصفه تصريحات وتحليلات تضمنت ادعاءات حول مسؤولية ما يتحملها رئيس الجمهورية في موضوع التحقيقات الجارية في التفجير الذي وقع في مرفأ بيروت.
وتوقف عند:
أولا: المرة الأولى التي اطّلع فيها رئيس الجمهورية على وجود كميّات من نيترات الأمونيوم في المستودع رقم 12 في مرفأ بيروت كانت من خلال تقرير للمديرية العامة لأمن الدولة وصله في 21 تموز الماضي. وفور الاطلاع عليه, طلب الرئيس عون من مستشاره الأمني والعسكري متابعة مضمون هذا التقرير مع الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع الذي يضم كافة الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية.
ثانيا: لم يتدخّل رئيس الجمهورية لا من قريب ولا من بعيد في التحقيقات التي يجريها قاضي التحقيق العدلي في جريمة التفجير, وان كان دعا اكثر من مرة الى الإسراع في إنجازها لكشف كل الملابسات المتعلقة بهذه الجريمة وتحديد المسؤوليات.
ثالثا: خلال الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية مع مجلس القضاء الأعلى يوم الثلاثاء الماضي, لم يتطرق الحديث الى التحقيق في جريمة المرفأ, وبالتالي فإنّ كل ما يروّج عن ان الرئيس عون طلب التدخّل في التحقيق, هو كلام كاذب لا اساس له من الصحة لأنّ البحث في هذا الاجتماع اقتصر على عمل المحاكم وضرورة تفعيلها".