تفاجَأتُ من هذا الكمّ الهائل من الجهل لدى بعض الإعلام ورجال القانون والمحلّلين المواكبين لإصدار الحكم في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. فالحكم الصادر اليوم لا "يتّهم" سليم عيّاش ولا هو "قرار ظنّي" , بَل "يُدين" سليم عيّاش بخمسة جرائم كان متّهما ً بها قبل صدور الحكم اليوم. أمّا اليوم, "الحقيقية" و "العدالة" التي طالب بها اللبنانيّون (أو بعض اللبنانيّين) منذ إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري قد ظهَرت وبانَت سواء أقبلنا بها أم لا وسواء أعجبتنا أم لا, على الرغم من بعض التحدّيات التي واجهتها المحكمة لعلّ أبرزها هي محاكمة المتّهمين غيابياّ (in absentia) وقلّة الأدلّة المقدَّمَة للمحكمة ونوعيّتها من حيث الوقائع.
أمّا فيما يتعلّق بالتعليقات الإعلاميّة والتصريحات الصحفيّة حول أن "الحُكم قد جاء مخيّبا ً للآمال", فهذه التعليقات قد تجاهلت أن محكمة دوليّة (كأي محكمة دوليّة أخرى سواء أكانت محكمة Ad- Hoc Tribunal [ICTY or ICTY] أو Permanent Tribunal [ICC]) بهذا الشكل وهذا الحجم تحكم على أساس الأدلّة المقدّمة لها ولا تحكم على أساس رغبات البعض (wishful thinking)أو ما يتوقّعه منها البعض (prejudice)لأنّها محكمة تراعي أسس قانونيّة ومعايير العدالة الثلاث: fairness, independence, and impartiality .
فيما يتعلّق بدور الحزب في كلّ هذا , فالمحكمة لا "تحلّل" دور الحزب إنّما تقوم بتعقّب الأدوار التي لعبها أفراد ضمن التسلسل القيادي والهرمي للحزب بناءا ً على الأدلّة المقدّمة للمحكمة من قِبَل الإدعاء أو النيابة العامّة (prosecution). أمّا تحليل الحُكم على الصعيد اللبناني المحلّي الداخلي, فهو متروك لخيال اللّبنانيّين ومصالح السياسيّين المبنيّة على كيفيّة إستثمار الحكم في السياسة لتحقيق مكاسب معيّنة كلٌّ من منظاره وحَسب مصالحه.
أنا أعتبر أن العدالة قد تحقّقت اليوم سواء أعجبت البعض أم لا... يحيا العدل !
إسحاق أندكيان- دكتواره في ادارة الازمات الدولية - باحث ومحاضر في جامعة كينيسو في اتلانتا - جورجيا الولايات المتحدة الاميركية