رد رئيس الجمهورية ميشال عون مشروع مرسوم التشكيلات والمناقلات القضائية التي اعدّها مجلس القضاء الاعلى, مورداً سلسلة ملاحظات حولها, لافتا الى ان اعادة النظر في هذه المناقلات امر متاح في كل حين ومناسبة, ومتروك لتقدير مجلس القضاء الاعلى.
وجاء رد الرئيس عون, في كتاب وجهه المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير الى رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب بواسطة الامانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء, وهنا نصه:
"دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب المحترم,
بواسطة الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء,
بعد التحيّة,
بناءً على توجيهات فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون, أتشرّف بإبلاغكم ملاحظات فخامته على مشروع المناقلات القضائيّة, مع التمني بإبلاغها من الوزراء المعنيين على سبيل الاطلاع والاعتبار, ومن دون أن تؤسس على هذا الكتاب أيّ سابقة دستوريّة بمعرض امتناع فخامة الرئيس عن توقيع أيّ مرسوم عادي يخضع إصداره بتوقيعه إلى تقديره المطلق عملاً بأحكام الدستور ومستلزمات قسمه الدستوري باحترام "دستور الأمّة اللبنانيّة وقوانينها":
أوّلاً: بادئ ذي بدء, ثمّة ثابتتان دستوريتان يجب التركيز عليهما في مقاربة المناقلات القضائيّة:
1-إنّ المادة 20 من الدستور تنصّ على استقلاليّة الوظيفة القضائيّة (…"والقضاة مستقلّون في إجراء وظيفتهم…"), كما تنصّ على ضمانات قضائيّة يحدد القانون شروطها وحدودها, وهي ضمانات تحفظها المادة الدستوريّة للقضاة والمتقاضين معاً. لذلك, نصّت المادة 44 من قانون القضاء العدلي (المرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983 وتعديلاته) على أنّ "القضاة مستقلّون في إجراء وظائفهم ولا يمكن نقلهم أو فصلهم إلا وفقاً لأحكام هذا القانون", ولحظ القانون سلسلة كبيرة من الضمانات على ما تقضي به المادة 20 من الدستور.
أمّا استقلاليّة السلطة القضائيّة المنشودة واللازمة, بالممارسة والنصّ, فلا يمكن أن تعني أن لا علاقة لهذه السلطة بسائر السلطات, أيّ تحديداً السلطتين التشريعيّة والإجرائيّة, ذلك لأنّ هذا التفسير يناقض مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها الذي يقوم عليه النظام الدستوري اللبناني عملاً بالفقرة (هـ) من مقدّمة الدستور, وإلا وقع النظام الدستوري اللبناني في المحظور الاخطر المتمثّل بالتجربة القاسية التي عانت منها ايطاليا في التسعينات, قبل التخلّص منها, والتي أطلق عليها ما عرف بـ "حكومة القضاة".