تتجه عروس البقاع زحلة الى معركة حامية, محورها ثلاثة لوائح من المتوقع ان تكون جميعها مكتملة النصاب, لاسيما بعد الاعلان عن فشل التوافق في زحلة,الامر الذي اطلق الضوء الاخضر امام الافرقاء السياسيين للمضي في سبيل اتمام معاركهم البلدية وتحضير ادواتها من المال والخطاب السياسي الحاد, استعدادا لاقسى منازلة بلدية في البقاع لاتجد منافسا لها في تبوأها المرتبة الاولى على صعيد لبنان باكمله.
للمعركة البلدية في زحلة عدة توصيفات فهي معركة البقاء والوجود عند مريام سكاف في وجه من يحاول اقفال منزل الوزير الراحل الياس سكاف وفق تعبيرها ,اما معركة الاحزاب فهي معركة تثبيت السيطرة الحزبية على زحلة وتاكيد هوية زحلة الحزبية وفق توصيف مصدر حزبي في زحلة,وهي معركة تاكيد الحضور عند النائب الدكتور نقولا فتوش واشقائه في وجه الفيتو القواتي
اطلقت الكتلة الشعبية التي تراسها مريام سكاف اسم لائحة الوفاء لروح الوزير الراحل الياس سكاف على لائحتها البلدية ,واختار المهندس اسعد زغيب عنوان "انماء زحلة" للائحته المدعومة من احزاب القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية والتيار الوطني الحر ,وللنائب نقولا فتوش لائحة برئاسة شقيقه موسى فتوش .
تعدد اللوائح يؤشر الى ان التوافق لم يكن طرحا جديا او امرا مستحبا عند اي من الاطراف السياسية والحزبية,بل على العكس فعبارة المعركة ومفردات التحدي تلقى رواجا متصاعدا عند مختلف هذه الاطراف الزحلية,ومن الملفت ان مصدر حزبي في زحلة,رفض توصيف عبارة "معركة" على الحراك البلدي في زحلة,لان برايه المعركة تحتاج الى خصمين متنافسين قويين اما الارض الزحلية فهي حزبية بالكامل بتوقيع من ابناء زحلة .
في عز الحديث عن التوافق كانت تتحضر مختلف الاطراف السياسية والحزبية لساعة الفراق وللمعركة المقبلة ,التي يهرول بخطى متسارعة اليها كل فريق زحلي ومن خارج زحلة في اطار الحسابابت السياسية عند كل فريق سياسي وحزبي.
مسارعة القوات اللبنانية الى احتضان ترشيح الرئيس السابق للبلدية المهندس اسعد زغيب ,اقفل سريعا باب ىالتوافق في زحلة ,فالكتلة الشعبية تنظر الى هذا الترشيح باعتباره من المحرمات ,كما تعتبر القوات اللبنانية ان وجود حصة بلدية وزانة اي عشرة اعضاء للكتلة الشعبية امرا غير قابل للبحث من اساسه .
لايجادل احدا ما في زحلة بان كلمة القوات اللبنانية لايعلى عليها في موضوع مسار الانتخابات البلدية الزحلية التي تحولت الى تصريح سياسي يومي في معراب,التي فرضت شروطها ايضا على الرابية واقنعتها بالمضي بتاييد زغيب كمرشح لرئاسة البلدية وعليه حصل التيار الوطني الحر على مقعد موقع نائب رئيس البلدية المهندس انطوان ابو يونس وذلك دون الدخول في موضوع الحصص في اعداد اعضاء البلدية .
انضمت الكتائب اللبنانية الى مؤيدي ترشيح زغيب على اثر حفل غذاء اقيم في كاتدرائية سيدة النجاة على شرف رئيس الحزب النائب سامي الجميل برعاية المطران عصام درويش وحضره المهندس اسعد زغيب,ومن بعده جرى تسريب التوافق الكتائبي على ترشيح زغيب الذي يتحدث عنه المطران درويش بكثير من الارتياح .
تجمعت الاحزاب المسيحية الثلاثة وراء دعم لائحة المهندس زغيب ,ووصلت مريام الى معراب في اطار مد يد التعاون والتقت رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع,الذي بادرها بالحديث عن اسم المهندس اسعد زغيب,وردت عليه سكاف بوصفه اسما مستفزا لا يصلح للتوافق .
خرجت مريام من معراب وقبل ان تصل الى زحلة كان القرار القواتي من معراب قد وصل الى مناصريه وحزبه بضرورة اكمال مسار الحراك البلدي كما هو مرسوم الى جانب لائحة زغيب وابلاغ مريام سكاف بان العرض القواتي للتوافق معها يقضي باعطائها فقط 5 اعضاء بلدية .
سقط التوافق,فاعلن المهندس اسعد زغيب في مؤتمرا صحفيا في منزله ترشحه على رئاسة البلدية, مدعوما من القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية والتيار الوطني الحر, ومؤكدا بنفس الوقت بان لهذه الاحزاب ابناء زحليين وغير مستوردين رافضا تصوير الاحزاب بانهم من خارج النسيج الزحلي.
وصلت الرسالة الحزبية الى مريام سكاف فسارعت الى قبول "التحدي" واختارت حسب تعبيرها سلوك طريق الانتصار لكرامة زحلة بدلا من الموافقة على تسمية خمسة اعضاء التي تعني لها الخسارة ولم تجد امامها بديلا عن خيار معركة "كسر العضم" وشددت سكاف في نفس الوقت بان زحلة لن تباع في سوق الاحزاب
وبشكل واضح وصريح,اتهمت سكاف الاحزاب ومقارها التي تقع خارج زحلة وفق تعبيرها, بالعمل على اقفال بيت ايلي جوزف سكاف والاستيلاء على القرار الزحلي,في حين اعتبرت قيادات الاحزاب المسيحية بان وجودها الزحلي ليس بحاجة لاقفال بيوتات سياسية زحلية .
في المقابل دافعت القوات اللبنانية عن عرضها للتوافق الذي كان يقضي بتوزيع مقاعد المجلس البلدي البالغة 21 مقعدا بمعدل خمسة مقاعد لكل فريق سياسي وحزبي بالتساوي بين مختلف الاطراف مع اعتبار زغيب رئيس حيادي.
في موازاة الصراع الزحلي فانه من المعلوم والمؤكد بان الطموحات الحزبية في زحلة, وان المسار البلدي سلك طريقه نحو صراعا يدور بين عائلات زحلية واحزاب وهو صراعا لم يكن يوما مغلفا او مستترا بل جرى التعبير عنه بكل شفافية وعلنية في كل استحقاقا سياسي في عاصمة الكثلكة.
وعليه حط الحراك البلدي رحاله عند توصيف معركة عائلات في مواجهة احزاب,كما اعتادت زحلة عبر كل استحقاقاتها ولم تكن المنازلة البلدية امرا طارئا او مستجدا على واقعها, بل هي طبيعية في هذه المدينة التي تعيش اختلافا مزمنا بين دور الاحزاب وبعض العائلات الزحلية التي تعادي فكرة وجود الاحزاب وتغلغلها في المدينة في ظل العبارة الشهيرة زحلة "مقبرة الاحزاب",وان كان هذا التعبير غير مرادفا حاليا لواقع المدينة من جراء ما تشكله الاحزاب من قوة لايستهان بها ,جعلت منها رقما اساسيا في المعادلة السياسية والانتخابية.
في موازاة الصراع الدائر بين مريام سكاف والاحزاب,كانت زحلة تنشغل بصراعا اخرا يدور بين فتوش والقوات اللبنانية,اذ ان الاخيرة وضعت فيتو على اي تعاون بلدي مع فتوش ورضخ لهذا الفيتو التيار الوطني الحر,الامر الذي استدعى ردا من النائب نقولا فتوش ترجم باعلان تسمية موسى فتوش رئيسا للائحة بلدية مكتملة,وهو اعلان يحمل الكثير من مؤشرات المعركة الطاحنة ,فعائلة فتوش اختارت المواجهة بشخص من "البيت الداخلي" وعليه فان العائلة لن تتوانى عن خوض اقسى تجربة سياسية وانتخابية من اجل تاكيد حضورها الزحلي,كما ان اعلان عائلة فتوش خوض غمار الاستحقاق البلدي عو رد على التيار الوطني الحر الذي تخلى عن حليفه الكاثوليكي النائب فتوش وانصاع الى الفيتو القواتي .
مع اكتمال الصورة الحزبية والسياسية المسيحية في زحلة,تتوجه الانظار الى موقف القوى الاسلامية في المدينة التي تضم حوالي 11 الف ناخبا وبما نسبته 20% من ناخبي مدينة زحلة , ومن المؤكد بان تيار المستقبل قد حسم توجهه الى جانب الكتلة الشعبية ومرشحه عن المقعد السني في المجلس البلدي سيكون من حوش الامراء وضمن عديد لائحة الكتلة الشعبية ,وهذا الامر ينسحب على توجه حركة امل المؤيد للائحة الكتلة الشعبية حسب مصدر في حركة امل الذي اكد "للسفير" ان تاكيد هذا التوجه يلزمه يومين لاعلانه بشكل رسمي ,اما حزب الله "المحرج" في معركة زحلة في ظل توزع حلفائه على ثلاثة لوائح متصارعة,لايزال يتخذ الحياد بانتظار بلورة كامل الصورة الانتخابية في زحلة .